المجلة | حــديث |عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه

/ﻪـ 

عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاه فقال له : "زر القبور تذكر بها الآخرة، واغسل الموتى فإن معالجة جسد خاو موعظة بليغة ، وصل على الجنائز لعل ذلك أن يحزنك فإن الحزين في ظل الله يتعرض كل خير " رواه الحاكم وقال رواته ثقات، والحديث صحيح.
اشتمل هذا الحديث على علاج ناجع لمن أراد أن يرق قلبه وتزهد نفسه عن الدنيا فقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم أولاً على زيارة القبور ، فالقبر أول منزل من منازل الآخرة وزيارتها تحدث خشية في القلب وتذكراً للموت وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد نهى عن زيارة القبول في أول الأمر لقرب العهد بالجاهلية، حيث كان الناس في الجاهلية يقومون ببعض الأفعال المخالفة لشريعة الإسلام كلطم الخدود وشق الجيوب والتلفظ باألفاظ مخالفة، فلما استقر الإسلام في النفوس قال النبي صلى الله عليه وسلم" كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور فزروها فإنها تذكركم الآخرة" ثم حثنا النبي صلى الله عليه وسلم ثانياً على تغسيل الموتى، وهل هناك عظة للإنسان الحي أكثر من رؤيته لهذا الميت الذي كانت تدب فيه الروح منذ وقت يسير وقد أصبح الآن لا يستطيع أن يدفع عن نفسه شيئاً ، وهو بين يدي مغسله يقلبه يمنة ويسرة كيفما شاء ثم هو لم يأخذ معه مما كابد في جمعه شيئاً، بل ترك كل شيء ولم يبق له إلا عمله، عندها يتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أيسر منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا الناء ولو بشق تمرة" . أما اتباع الجنائز والصلاة عليها فهي أيضاً من الأشياء التي تذكر بالآخرة وتذكر أن الدنيا دار ممرّ والآخرة دار مقر، حين يرى أن عظامه تصير بالية وأعضاءه ممزقة يهون عليها ما فاته من اللذات العاجلة ويندم على كل لحظة عصى فيها ربه أو كل لحظة ضيعها بما لا طائل من ورائه فهذه الأمور الثلاثة هي نعم الدواء لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه، فإن انتفع بالإكثار منها فذاك، وليكثر من مشاهدة المحتضرين فليس الخبر كالمعانية.

المزيد